كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: فَسَّرَهُ) أَيْ التَّقْصِيرَ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ كَفُّ الشَّعْرِ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ كَفَّ مِنْهُ أَيْ أَخَذَ وَبِهَذَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ الْآتِي وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ التَّقْصِيرَ إلَخْ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَالْقَصَّ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي فَسَّرَهُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ فَحَيْثُ جَاءَ الْعَطْفُ بِأَوْ تَعَيَّنَ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا يُبَايِنُ الثَّانِي لِيَصِحَّ الْعَطْفُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَطْفًا عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ وَيُؤَوَّلُ قَوْلُهُ فَعَطَفَهُ إلَخْ عَلَى مَعْنَى فَعَطَفَهُ بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهَا) أَيْ كَأَخْذِهِ بِنُورَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ بِحَيْثُ إلَى ثُمَّ.
(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يُجْزِئْهُ غَيْرُهُ وَلَوْ اسْتَأْصَلَهُ بِمَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا كَقَصٍّ وَنَتْفٍ حَصَلَ بِهِ التَّحَلُّلُ، وَإِنْ أَثِمَ وَلَزِمَهُ دَمٌ وَلَا يَبْقَى الْحَلْقُ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ النُّسُكَ إنَّمَا هُوَ إزَالَةُ شَعْرٍ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَأَسْنَى.
(قَوْلُهُ: أَيْ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ لِمُعْتَدِلِ الْبَصَرِ نِهَايَةٌ وسم.
(قَوْلُهُ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ عِنْدَ قُرْبِهِ مِنْ الرَّأْسِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) بَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ نَحْوَ الْإِحْرَاقِ أَوْ النَّتْفِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لِكَوْنِهِ مَطْلُوبًا مِنْ حَيْثُ عُمُومُهُ وَيُجْزِئُهُ نَحْوُ الْحَلْقِ وَمَا لَوْ نَذَرَ حَلْقَ بَعْضِ الرَّأْسِ وَقَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَقَدْ يُقَالُ كَرَاهَتُهُ لِخَارِجٍ فَلَا تَمْنَعُ الِانْعِقَادَ فَلْيُرَاجَعْ سم أَقُولُ وَعَلَى فَرْضِ أَنَّهَا لِخَارِجٍ فَهُوَ لَازِمٌ وَالْخَارِجُ اللَّازِمُ حُكْمُهُ حُكْمُ الذَّاتِيِّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ قَالَ إلَخْ) أَيْ النَّاذِرُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ إنْ نَذَرَ الذَّكَرُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: التَّقْصِيرُ الْمَطْلُوبُ)، وَهُوَ كَوْنُهُ بِقَدْرِ أُنْمُلَةٍ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ أَوْ مِمَّا عَدَا الذَّوَائِبَ عَلَى مَا مَرَّ بَصْرِيٌّ أَقُولُ هَذَا إنْ صَرَّحَتْ بِالِاسْتِيعَابِ أَوْ قَالَتْ لِلَّهِ عَلَيَّ تَقْصِيرُ رَأْسِي وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَتْ كَفَاهَا ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُشْكِلٌ) الْأَوْلَى، وَهُوَ مُشْكِلٌ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ كَنَذْرِ الْمَشْيِ) أَيْ فِي الْحَجِّ مَعَ أَنَّهُ مَفْضُولٌ سم.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَشْيِ) وَأَيْضًا فَالْمَشْيُ مَقْصُودٌ لِلشَّارِعِ فِي مَوَاضِعَ بِخِلَافِ التَّقْصِيرِ سم.
(وَمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ) خِلْقَةً، أَوْ لِحَلْقِهِ وَلِاعْتِمَارِهِ عَقِبَهُ (اُسْتُحِبَّ) لَهُ (إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ) إجْمَاعًا تَشَبُّهًا بِالْحَالِقِينَ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِالذَّكَرِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ مَشْرُوعًا لِغَيْرِهِ وَالْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِبَعْضِ رَأْسِهِ شَعْرٌ سُنَّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى الْبَاقِي أَيْ سَوَاءٌ أَحَلَقَ ذَلِكَ الْبَعْضَ أَمْ قَصَّرَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِلتَّشَبُّهِ الْمَذْكُورِ أَيْ إذْ هُوَ كَمَا يَكُونُ فِي الْكُلِّ يَكُونُ فِي الْبَعْضِ وَلَبَّسَ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ أَصْلٍ وَبَدَلٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ لِاخْتِلَافِ مَحَلَّيْهِمَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِمْرَارَ لَيْسَ بَدَلًا وَإِلَّا لَوَجَبَ فِي الْبَعْضِ حَيْثُ لَا شَعْرَ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَلْزَمُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّقْصِيرِ أَنْ يُمِرَّ الْمُوسَى عَلَى بَقِيَّةِ رَأْسِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لِاعْتِمَارِهِ) يَنْبَغِي أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ اُسْتُحِبَّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَإِنْ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَالْوَاوُ فِي وَشَارِبِهِ بِمَعْنَى أَوْ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى. اهـ. ثُمَّ قَالَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ ثَبَتَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ قَلَّمَ أَظَافِرَهُ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ وَأَظَافِرِهِ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ. اهـ. وَيَنْبَغِي اسْتِحْبَابُ إمْرَارِ آلَةِ الْقَصِّ فِيمَنْ يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِ التَّقْصِيرُ تَشْبِيهًا بِالْمُقَصِّرِينَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ إلَخْ) وَلَوْ عَجَزَ عَنْ أَخْذِهِ لِنَحْوِ جِرَاحَةٍ صَبَرَ إلَى قُدْرَتِهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لِنَحْوِ جِرَاحَةٍ أَيْ يَتَوَقَّعُ زَوَالَهَا عَنْ قُرْبٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: خِلْقَةً) إلَى قَوْلِهِ أَيْ سَوَاءٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَاعْتِمَارِهِ عَقِبَهُ) وَيَنْبَغِي أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ سم قَوْلُ الْمَتْنِ: (اُسْتُحِبَّ لَهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا نَبَتَ بَعْدُ فَلَا يُؤْمَرُ بِإِزَالَتِهِ وَلَا يَفْدِي عَاجِزًا عَنْهُ لِنَحْوِ جُرْحٍ كَأَلَمٍ يَمْنَعُ إزَالَةَ الشَّعْرِ الْمُجْزِئِ بَلْ يَصْبِرُ إلَى الْقُدْرَةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِإِزَالَتِهِ مَعَ نَحْوِ نَوْمٍ كَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ نَعَمْ إنْ اسْتَيْقَظَ أَوْ أَفَاقَ وَلَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ لِكَوْنِهِ حَلَقَ، وَهُوَ نَائِمٌ مَثَلًا سَقَطَ عَنْهُ الْوَاجِبُ وَنَّائِيٌّ وَهَلْ يَدْخُلُ فِي نَحْوِ النَّوْمِ الْإِكْرَاهُ أَمْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ حَلْقِ نَفْسِهِ وَحَلْقِ غَيْرِهِ بِإِكْرَاهٍ مِنْ غَيْرِ الْمُحْرِمِ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ فِي الْأَوَّلِ الْأَوَّلُ وَفِي الثَّانِي الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (إمْرَارُ الْمُوسَى إلَخْ) وَيَنْبَغِي اسْتِحْبَابُ إمْرَارِ آلَةِ الْقَصِّ فِيمَنْ يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِ التَّقْصِيرُ تَشْبِيهًا بِالْمُقَصِّرِينَ سم وع ش قَوْلُهُ تَشْبِيهًا إلَخْ قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَنَظِيرُهُ إمْرَارُهَا عَلَى ذَكَرِ مَنْ وُلِدَ مَخْتُونًا ذَكَرُهُ انْتَهَى. اهـ. بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِينَ) وَيُسَنُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَارِبِهِ أَوْ شَعْرِ لِحْيَتِهِ شَيْئًا لِيَكُونَ قَدْ وَضَعَ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا لِلَّهِ تَعَالَى وَالْمُوسَى بِأَلِفٍ فِي آخِرِهِ وَتُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ آلَةٌ مِنْ الْحَدِيدِ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَوْ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ أَوْ شَارِبِهِ شَيْئًا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ لِئَلَّا يَخْلُوَ عَنْ أَخْذِ الشَّعْرِ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ سَائِرَ مَا يُزَالُ لِلْفِطْرَةِ كَذَلِكَ بَلْ الْوَجْهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَدَمُ التَّقَيُّدِ بِمَا يُزَالُ فِيهَا وَصَرَّحَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُقَصِّرِ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَصَحَّ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ قَصَّ أَظْفَارَهُ» أَيْ فَيُسَنُّ لِلْحَالِقِ أَيْضًا. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لِلْفِطْرَةِ أَيْ الْخِلْقَةِ وَالْمُرَادُ مَا يُزَالُ لِتَحْسِينِ الْهَيْئَةِ وَقَوْلُهُ م ر فَيُسَنُّ لِلْحَالِقِ أَيْ مُطْلَقًا مُحْرِمًا أَوْ غَيْرَهُ. اهـ. وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يُنْدَبُ إلَخْ هَذَا لَيْسَ فِي خُصُوصِ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ كَوْنِهِ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ بَلْ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ حُكْمٌ عَامٌّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ) عَطْفٌ عَلَى وَلَيْسَ فِيهِ إلَخْ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ مَنْ بِجَمِيعِ رَأْسِهِ شَعْرٌ عَلَى التَّقْصِيرِ أَنْ يُمِرَّ الْمُوسَى عَلَى الْبَاقِي كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى التَّقْصِيرِ) أَيْ لِبَعْضِ رَأْسِهِ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يُمِرَّ الْمُوسَى إلَخْ) أَيْ سُنَّ أَنْ يُمِرَّ إلَخْ.
(فَإِذَا حَلَقَ، أَوْ قَصَّرَ دَخَلَ مَكَّةَ) إثْرَ ذَلِكَ ضُحًى (وَطَافَ طَوَافَ الرُّكْنِ) وَيُسَمَّى أَيْضًا طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافَ الزِّيَارَةِ وَقَدْ يُسَمَّى طَوَافَ الصَّدَرِ بِفَتْحِ الدَّالِ وَيُسَنُّ عَقِبَهُ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ مِنْ زَمْزَمَ لِلِاتِّبَاعِ (وَسَعَى) بَعْدَ الطَّوَافِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا كَمَا يَأْتِي فَوْرًا نَدْبًا (إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى) بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا هُوَ الْأَفْضَلُ (ثُمَّ يَعُودُ إلَى مِنًى) بِحَيْثُ يُدْرِكُ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ بِمِنًى حَتَّى يُصَلِّيَهَا بِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَهِيَ بِهَا أَفْضَلُ مِنْهَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِنْ فَاتَتْهُ مُضَاعَفَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ فِي فَضِيلَةِ الِاتِّبَاعِ مَا يَرْبُو عَلَى الْمُضَاعَفَةِ وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ» مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ إشْكَالٌ بَيَّنْته فِي الْحَاشِيَةِ عَلَى أَنَّهُ صَلَّاهَا بِهَا أَوَّلَ وَقْتِهَا ثُمَّ ثَانِيًا بِمِنًى إمَامًا لِأَصْحَابِهِ كَمَا صَلَّى بِهِمْ فِي بَطْنِ نَخْلٍ مَرَّتَيْنِ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ «أَنَّهُ أَخَّرَ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى اللَّيْلِ» مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَخَّرَ طَوَافَ نِسَائِهِ وَذَهَبَ مَعَهُنَّ (وَهَذَا الرَّمْيُ وَالذَّبْحُ وَالْحَلْقُ وَالطَّوَافُ يُسَنُّ تَرْتِيبُهَا كَمَا ذَكَرْنَا) فِي الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرْنَا لِلِاتِّبَاعِ، فَإِنْ خَالَفَ صَحَّ لِإِذْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
(وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا) أَيْ: الْأَعْمَالِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا الذَّبْحَ لِمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ (بِنِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ) لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ فِي الرَّمْيِ وَقِيسَ بِهِ غَيْرُهُ (وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ) الَّذِي هُوَ وَقْتُ فَضِيلَةٍ إلَى الزَّوَالِ، وَاخْتِيَارًا (إلَى آخِرِ يَوْمِ النَّحْرِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ بِهِ وَجَوَازًا إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ اضْطِرَابٍ طَوِيلٍ فِي ذَلِكَ (وَلَا يَخْتَصُّ الذَّبْحُ) لِلْهَدَايَا (بِزَمَنٍ) كَمَا وَقَعَ فِي الْمُحَرَّرِ هُنَا، وَإِنْ اخْتَصَّ بِمَكَانٍ هُوَ الْحَرَمُ بِخِلَافِ الضَّحَايَا تَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَالثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ (قُلْت الصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَسَيَأْتِي) أَنَّ الْمُحَرَّرَ ذَكَرَهُ كَذَلِكَ (فِي آخِرِ بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ عَلَى الصَّوَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَتَمَحَّلَ جَمْعٌ لِلْمُحَرَّرِ كَالْعَزِيزِ فَحَمَلُوا مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ عَلَى الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ لِخَبْرٍ، أَوْ حَظْرٍ، فَإِنَّهَا قَدْ تُسَمَّى هَدْيًا نَعَمْ مَا عَصَى مِنْهَا بِسَبَبِهِ يَجِبُ فِعْلُهُ فَوْرًا خُرُوجًا مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَمَا يَأْتِي مِنْ الِاخْتِصَاصِ عَلَى مَا سِيقَ تَقَرُّبًا وَلَوْ مَنْذُورًا وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى هَدْيًا حَقِيقَةً وَمِنْ ثَمَّ طُعِنَ فِي الْجَمْعِ بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ عِبَارَتِهِ وَالْمُتَبَادَرِ مِنْهَا (وَالْحَلْقُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْقِيتِ نَعَمْ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَشَدُّ مِنْهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثُمَّ عَنْ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ وَلَا يُنَافِيهِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ يَقَعُ عَنْ الرُّكْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا لِبَقَاءِ بَعْضِ نُسُكِهِ لَا يَلْزَمُهُ طَوَافُ وَدَاعٍ كَمَا مَرَّ.
وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ حُرْمَةَ تَأْخِيرِ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ إلَى قَابِلٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَكَمَا أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَلْزَمُهُ التَّحَلُّلُ أَيْ: فَوْرًا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُهُ إلَى قَابِلٍ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ كَابْتِدَائِهِ وَابْتِدَاؤُهُ لَا يَصِحُّ وَرَدَّهُ السُّبْكِيُّ وَفَرَّقَ بِأَنَّ وُقُوفَ عَرَفَةَ مُعْظَمُ الْحَجِّ وَمَا بَعْدَهُ تَبَعٌ لَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ كُلَّ وَقْتٍ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ بِخِلَافِ مَنْ فَاتَهُ، فَإِنَّ مُعْظَمَ حَجِّهِ بَاقٍ فَيَلْزَمُ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ بَقَاؤُهُ حَاجًّا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ أُحْصِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ لَا يَلْزَمُهُ التَّحَلُّلُ وَالْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ يَخْرُجُ بِفَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَالتَّحَلُّلُ قَبْلَهُ لَا يَجِبُ اتِّفَاقًا بَلْ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ وَبِأَنَّهُ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالنَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَبِمَدِّهَا إلَيْهِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا (وَإِذَا قُلْنَا الْحَلْقُ نُسُكٌ)، وَهُوَ الْمَشْهُورُ (فَفِعْلُ اثْنَيْنِ مِنْ الرَّمْيِ) لِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (وَالْحَلْقِ)، أَوْ التَّقْصِيرِ (وَالطَّوَافِ) الْمَتْبُوعِ بِالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى (حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ) مِنْ تَحَلُّلَيْ الْحَجِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ حَصَلَ بِوَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ.
(وَحَلَّ بِهِ اللُّبْسُ) وَنَحْوُهُ (وَالْحَلْقُ وَالْقَلْمُ) وَالطِّيبُ بَلْ يُسَنُّ التَّطَيُّبُ وَاللُّبْسُ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا مَرَّ (وَكَذَا الصَّيْدُ وَعَقْدُ النِّكَاحِ) وَالتَّمَتُّعُ دُونَ الْفَرْجِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ (فِي الْأَظْهَرِ) كَالْحَلْقِ بِجَامِعِ عَدَمِ إفْسَادِ كُلٍّ لِلْحَجِّ (قُلْت الْأَظْهَرُ لَا يَحِلُّ عَقْدُ النِّكَاحِ) وَلَا التَّمَتُّعُ كَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» (وَإِذَا فَعَلَ الثَّالِثَ) الْبَاقِيَ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ (حَصَلَ التَّحَلُّلُ الثَّانِي وَحَلَّ بِهِ بَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ) إجْمَاعًا، وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ الْمَبِيتُ وَبَقِيَّةُ الرَّمْيِ وَلَوْ فَاتَهُ الرَّمْيُ تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ وَلَوْ صَوْمًا كَمَا قَالَاهُ، وَإِنْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي اعْتِرَاضِهِ تَنْزِيلًا لِلْبَدَلِ مَنْزِلَةَ الْمُبْدَلِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَوَقَّفْ تَحَلُّلُ الْمُحْصَرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ فَيَشُقُّ بَقَاؤُهُ مُحْرِمًا مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا أَمَّا الْعُمْرَةُ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ يَطُولُ زَمَنُهُ وَتَكْثُرُ أَعْمَالُهُ فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ وَبَعْضُهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ تَخْفِيفًا لِلْمَشَقَّةِ بِخِلَافِهَا وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْحَيْضُ لَمَّا طَالَ زَمَنُهُ جُعِلَ لِارْتِفَاعِ مَحْظُورَاتِهِ مَحِلَّانِ انْقِطَاعُ الدَّمِ وَالْغُسْلُ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ.
وَزَادَ الْبُلْقِينِيُّ تَحَلُّلًا ثَالِثًا، وَهُوَ حَلْقُ شَعْرِ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ لِحِلِّهِ بِحَلْقِ الرُّكْنِ، أَوْ سُقُوطِهِ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ اثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ كَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ الْأَوْفَقُ بِكَلَامِهِمْ، وَإِنْ مِلْت إلَى الْأَوَّلِ فِي الْحَاشِيَةِ.